في مخيمات النازحين بتركيا..براءة الأطفال ودموع الأمهات تروى ما يحدث فى سوريا

(دمروا بيوتنا .. تركت كل شىء حتى دميتى التى أحبها ولن أعود إلى بلادى حتى يسقط النظام ).. هكذا بدأت الطفلة السورية رولا ذات الأعوام الستة روايتها بعدما أجبرتها الأوضاع الحالية فى سوريا والقتال الدائر فى عدد من مدنها على النزوح صوب تركيا.

وتكشف نظرات عيني رولا حجم معاناتها حيث تضيف وهى تبكى "شعرت بالرعب والخوف وأنا أسمع صوت طلقات الرصاص فى كل مكان.. البيوت هدمت ومدرستى أيضا وقتل جيرانى".

وأكد موفدا وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى جنوب تركيا اثر مقابلاتهما مع أطفال اللاجئين السوريين أثناء زيارتهما للمخيم الحدودى أن رولا ليست الطفلة الوحيدة فى بوينيوجون (جنوب تركيا) أحد مخيمات النازحين السوريين الفارين إلى الحدود التركية هربا من القتال الدائر مند شهور فى بعض المدن والبلدات السورية وفى مقدمتها (جسر الشغور).

وعرف الخوف طريقه إلي أطفال سوريا فتفتحت أعينهم على السياسة ومفاهيم الحرية والديمقراطية قبل الآوان فالروايات واحدة ولكن التعبير يختلف.. فحنين (10 سنوات) تتفق مع رولا فى ذات الشهادة ولكنها تتحدث بلهجة أكثر حسما وتصميما لتؤكد "لن نرجع حتى يسقط نظام الأسد ونثأر لشهدائنا لقد رأينا مشاهد القتل والدمار فى كل مكان فى جسر الشغور ولن نستسلم".

أما أحمد - الذى رفض ذكر باقى اسمه خوفا على أهله الذين لا يزالون فى الأراضى السورية يؤكد أيضا "لن أعود إلى وطنى سوريا إلا بعد رحيل الأسد ولكن إلى متى سأبقى بعيدا عن أرض الوطن" وهو القول الذى اتفق معه فيه آسر (11 عاما) وهو يصرخ "السلطات السورية منعتنا من اجتياز أمتحانات آخر العام وأضاعت علينا عام دراسى".

وتظاهر أطفال سوريا اللاجئون فى الأراضى التركية فى المخيم حيث احتشد العشرات منهم فوق أرجوحة ضخمة نصبتها السلطات التركية فى الفناء الصغير بوسط المخيم وتجمع هؤلاء الأطفال -الذين تدفقت روح الثورة من حناجرهم - ليعلنوا رفضهم للأوضاع التى تمر بها بلادهم على الرغم من أنهم ابتعدوا عنها .

ونصب الأطفال الذين اتخذوا من أرجوحتهم ميدانا للتعبير عن غضبتهم السلمية أحدهم زعيما لهم يرفع بيده العلم السورى ويقبله هاتفا بشعارات رددها من خلفه أقرانه (الشعب يريد إسقاط النظام) وهو الشعار الدى أصبح يتردد على ألسنة المتظاهرين فى الدول العربية التى بات يطلق عليها دول "ربيع الثورات ".

وأصبح الشعار الذى ألتف حوله الأطفال السوريون النازحون بينما يرفع زعيمهم الصغير علم سوريا بألوانه الثلاثة ونجمتيه ويشير به من الجانب الآخر من الحدود حيث كان يعيش مع أسرته قبل أن يتشتت شملهم تحت وقع دوى المدافع وطلقات الرصاص ومشاهد الجثث والدمار.

ولم يكن صعبا أن نشاهد تدفق الدموع بغزارة من أعين بعض هؤلاء الأطفال والتى كانوا يحاولون إخفاءها لكن شعار (سوريا حرة.. الله أكبر الله أكبر) كسر حاجز التماسك ليدخل هؤلاء الأطفال فى موجة من البكاء الجماعى امتزجت مع أصواتهم التى أرادوا أن تعبر الحدود.

ولم تمنع الأعاقة محمود فياض - الذى لم يتجاوز عمره الأعوام العاشرة - من المشاركة فى المظاهرة ولكنه تضامن مع أقرانه من فوق الكرسى المتحرك فهتف معهم لإسقاط النظام بينما رفع لافتة كرتونية متواضعه كتب عليها (بدنا حرية.. وما لنا غير الله) وقال "ضربونا بالرصاص.. بدى أرجع على بلدى ولكن بعد رحيل النظام".

ولم تكن شهادات أطفال (جسر الشغور) والمدن السورية الفارين من جحيم القتال الدائر بعيدة عن روايات أمهاتهم وجداتهم فالأمهات اللاتى تختلف أعمارهن ولكن تتفق نظراتهن الشاردة التى تعكس خوفهن على أبنائهن ومستقبلهم من المصير المجهول.. هذا الشعور أكدته سيدة أربعينية اكتفت بتعريف نفسها باسم هناء لتروى مآساتها وفى صوتها نبرة إصرار على تحقيق أهداف الثورة السورية.

وقالت هناء "لم يكن أمامنا سوى الفرار هل كنا ننتظر فى بلدنا حتى يقتلوا أطفالنا ويغتصبوننا؟" هكذا تساءلت سعاد ذات (30 عاما) وهى تبكى مستنكرة وتردد "حسبنا الله ونعم الوكيل الدوائر التى تتهم السوريين بالهروب من ديارهم وعدم تمسكهم بالبقاء فيها".

واتفقت مع هذه المأساة أم أشرف التى جلست أمام الخيمة المخصصة لها ولأسرتها وهى تقول "نظمنا مظاهرات سلمية مثل مصر

وكانت مشاهد اغتصاب الفتيات والسيدات هى القاسم المشترك الذى روته غالبية اللاجئات فقد عرفن على حد قولهن العديد من الفتيات اللاتى تم اغتصابهن من قبل عناصر مجهولة من وجهة نظر البعض وعناصر أمنية من وجهة نظر آخريات وأكدن أن المخيم الذى يقمن فيه تتواجد به فتاتان تعرضن للاغتصاب لكن التقاليد تمنعهن من الظهور علانية لكشف مآساتهن.

ومن جانبها لخصت أم محمود (50 عاما) المشهد فى منطقة (جسر الشغور) الحدودية بقولها "قصف.. مذابح.. قتل للشباب والأطفال.. واغتصاب للنساء".

أما أم على فتقول "أنا خائفة على أطفالى هنا أو هناك فالمصير المجهول كتب علينا اللجوء على يد سلطاتنا.. كيف ذلك وأين الرحمة".

وقالت ربا سيدة فى مقتبل العشرين من عمرها وهى تحمل رضيعها على كتفها وتمسك بطفلين آخرين فى يديها "لم يتركوا لنا بيوتا أو محالا ولا حتى مساجد غالبيتها هدمتها قوات الأسد" قالت ذلك بينما كانت تنظر إلى أولادها والدموع تنهمر من عينيها .

وأجمع النازحات السوريات اللاتى سردن تفاصيل ما تعرضن له على أن حرصهن على حياة أولادهن والشعور بالأمن كان الدافع وراء الهروب إلى تركيا إلا أن مشاعر الغربة والحنين إلى الوطن السورى بدت لهن أكثر قسوة خاصة عندما يستيقظن صباح كل يوم وينظرن عبر أسوار المخيم إلى الأراض السورية المتاخمة.

وبينما كان موفدا وكالة أنباء الشرق الأوسط على وشك مغادرة أسوار المخيم تبعتهما نظرة حزينة من طفل صغير كان يلازمهما طوال الجولة دون أن يتحدث ..وبعد أن خرجا من البوابة أمسك بأسلاك السور المحيط بالمخيم ووجه إليهما طلبا غريبا قائلا "ممكن تكلمونى بالمصرى؟ أنا كان نفسى من زمان أقابل حد يتكلم مصرى.. تعرفون أنا من عائلة اسمها المصرى". للمطالبة بالحرية والعدالة ولم نجد سوى القتل والضرب والاغتصاب قلبى يعتصر خوفا على أولادى".

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More