اتجاه أميركي أوروبي نحو التصعيد ضد دمشق


تشهد الأوضاع في سوريا منعطفا جديدا بفعل اكتشاف مقبرة جماعية لمدنيين قتلوا على يد قوات الأمن السورية خلال فترة حصار الجيش والأمن لمدينة درعا، فقد صعدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من لهجتهما تجاه النظام السوري.
حيث قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون الثلاثاء 17-5-2011 إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سيردان على القمع السياسي في سوريا بخطوات جديدة في الأيام القادمة، ما لم تغير الحكومة مسلكها.
وقال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إن هناك غالبية أصوات "بصدد التشكل" في مجلس الأمن لإدانة تعامل السلطات السورية مع المتظاهرين، وفي خطوة باتجاه القطيعة مع النظام السوري طالب نصف أعضاء البرلمان الكويتي المؤلف من خمسين مقعدا الحكومة الكويتية اليوم الثلاثاء بقطع العلاقات مع سوريا وطرد السفير السوري.
اتجاه دولي للتصعيد
وتزايدت التصريحات الدولية خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة تجاه النظام السوري، مع تزايد أعداد ضحايا العمليات التي تقوم بها القوات الحكومية ضد المتظاهرين في مختلف أنحاء سوريا، ومع حديث المنظمات الدولية عن كشف مقبرة جماعية قرب درعا وجدت القوى العظمى أنها مطالبة بتحرك أوسع من تحركها الخجول سابقا، فسارعت كل من فرنسا والولايات المتحدة لقيادة المحاولة الجارية لإدانة النظام السوري في المحافل الدولية.
وأكدت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية في مؤتمر صحافي أن واشنطن "ستتخذ خطوات إضافية خلال الأيام القادمة".
وأوضحت أنها اتفقت في مع كاثرين آشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي بهذا الشأن.
وبدورها قالت آشتون للصحافيين قبل اجتماع مع كلينتون إنها تحدثت مؤخرا إلى وزير الخارجية السوري لتنقل له رسالة مفادها أن الوقت قد حان لوقف العنف.
وفي باريس، قال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إن هناك غالبية أصوات "بصدد التشكل" في مجلس الأمن، لإدانة تعامل السلطات السورية مع المتظاهرين، لكنه استدرك أن التهديد باستخدام الفيتو في مجلس الأمن لا يزال قائما من قبل الصين وروسيا.
وأضاف جوبيه أمام الجمعية الوطنية الفرنسية "لسنا بمفردنا للحصول على قرار من مجلس الأمن؛ ينبغي تفادي لجوء عضو دائم إلى الفيتو، ومن ثم تأمين تسعة أصوات. نعمل مع أصدقائنا البريطانيين منذ أيام بل منذ أسابيع لبلوغ هذه النتيجة".
وفي خطوة متقدمة للقطيعة مع النظام السوري طالب نصف أعضاء البرلمان الكويتي المؤلف من خمسين مقعدا الحكومة الكويتية الثلاثاء بقطع العلاقات مع سوريا وطرد السفير السوري، احتجاجا على العنف الذي مارسته القوات السورية لسحق معارضي حكم الرئيس السوري بشار الأسد.
علماء سوريا.. انحياز للشعب
وفي خطوة يراها بعض المراقبين تحولا على صعيد تعامل النخبة السورية مع الثورة، قال بيان صادر عن أكثر من مائة عالم دين في سوريا ومن مختلف المحافظات، بأن الوطن للجميع وأكبر من أن يحله حل أمني.
ودعا البيان إلى رفع حقيقي وفعلي لحالة الطوارئ، والانفتاح على الشعب السوري من أجل حوار للخروج من الأزمة ومعاقبة كل من تسبب في إراقة الدماء خلال التظاهر السلمي في الأيام الأخيرة، وطالب البيان‌ بـ"الرفع الفعلي لحالة الطوارئ باختلاف صورها ومسمياتها وسلوكياتها، وذلك بعدما بدت مظاهر عدم تطبيق المرسوم الصادر برفعها بالدماء والاعتقالات التي ازدادت في الأيام الأخيرة".
ودعوا للبعد عن التعرض لحرية المواطن وكرامته، وعدّ المواطنة أساسا للحقوق والواجبات، وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، والحد من صلاحيات الأجهزة الأمنية وكف أيديهم عن التدخل في كل صغيرة وكبيرة.
وطالبوا بإطلاق سراح معتقلي الكلمة والرأي، ممن أوقفوا قديماً أو حديثاً، والسماح للمبعدين بالعودة إلى الوطن، وللممنوعين بغير مذكرة قضائية بالسفر متى شاؤوا، إلى جانب تعديل كل فقرة تشريعية تقف عائقاً في وجه الشعب وحقوقه، كإلغاء المادة الثامنة من الدستور والتي تنص على أن حزب البعث هو قائد الدولة والمجتمع.
وحمل البيان توقيع كل من السادة العلماء: كريم راجح (شيخ قراء سوريا)، سارية وأسامة الرفاعي، د.راتب النابلسي، وهبي سليمان غاوجي، محمد هشام البرهاني، محمد أبو الخير شكري، أسعد الصاغرجي، محمد ياسر القضماني.
وتبعهم 50 عالما من دمشق وريفها وكذلك وقع حوالي 100 عالم من حلب وريفها واللاذقية وإدلب وحمص ومن أبرز من وقع عدنان السقا، د. إبراهيم السلقيني (مفتي مدينة حلب) وغيرهم، أما مشايخ اللاذقية فهم حسن صاري، عبد الرحمن الطويل، مصطفى حاج قاسم، خالد كمال، أحمد خويلد، أحمد إبراهيم، مهند جلالو، أسامة الشيخ علي، عمر عيريق، زياد ريحاوي، منذر كل آغا، فواز صوفي، أبو زاهر (مصطفى شيخ ابراهيم)، صلاح شالاتي، عماد الطريفي.
دور المنظمات الحقوقية
وكان للمنظمات الحقوقية دور بارز في تسجيل الأحداث الجارية في سورية لحظة بلحظة، وتعدى هذا الدور مجرد التسجيل إلى التوثيق لفظائع ارتكبت ضد المدنيين غيرت مجرى الأحداث فقد أفاد رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان عمار قربي لوكالة "فرانس برس" أن أهالي درعا اكتشفوا الإثنين 16 مايو مقبرة جماعية في المدينة الواقعة جنوب العاصمة دمشق.
وأورد البيان لائحة بأسماء 13 قتيلا في جاسم و21 قتيلا في إنخل، مشيرا إلى أنهم قتلوا خلال الأيام الخمسة السابقة.
وأعربت المنظمة عن تخوفها "من وجود عشرات آخرين، لا زالت جثامينهم منتشرة في حقول القمح وبين الأشجار، حيث لم يستطع الأهالي الوصول إليهم حتى الآن بسبب التطويق الأمني للمنطقة، وانتشار القناصة في المكان".
وبدورها قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن السلطات السورية باتت تلاحق أسر وأقارب المعارضين السياسيين لمعرفة أماكن وجودهم واعتقالهم.
وتقول جمعيات حقوقية سورية ودولية إن القوات السورية قتلت ما لا يقل عن 700 مدني منذ اندلعت الشرارة الأولى للاحتجاجات في بلدة درعا في جنوب البلاد في 18 مارس.
دمشق تنفي
وقد نفت وزارة الداخلية السورية ما ذكرته وسائل إعلام عن مقبرة جماعية في درعا، واعتبرت أنه يأتي في إطار حملة التحريض على سورية حسب بيان الداخلية السورية.
وفي سياق متصل صرح مصدر سوري في محافظة درعا أنه تم يوم الأحد الإبلاغ عن خمس جثث في منطقة البحار بدرعا البلد.
وأضاف المصدر أن المحامي العام أبلغ بالواقعة وأن اللجنة المشكلة لهذا الأمر تقوم بالتحقيق في ملابسات الحادث وأسبابه، وقد سلمت الجثث إلى أهالي المتوفين حيث تم دفنها. ولم يذكر المصدر معلومات عن أسباب وفاة الأشخاص الخمسة.
وكانت وكالات أنباء قد نقلت عن قرويين قرب درعا عثورهم على مقبرة جماعية وجد فيها 13 جثة.
وقال ناشطون حقوقيون سوريون إن الأهالي في مدينة درعا عثروا على مقبرة جماعية لمدنيين قتلوا على يد قوات الأمن السورية خلال فترة حصار الجيش والأمن للمدينة المتواصل منذ أسابيع، على حد قولهم.
دعوة للإضراب
في هذه الأثناء وجهت الدعوات للسوريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي للقيام بإضراب عام يوم غد الأربعاء تحت عنوان (أبي.. إضرابك ضمان لمستقبلي).
وقالت الدعوة إن الإضراب سيكون ليوم واحد فقط كما تضمنت الدعوة القيام بتظاهرات في المدن السورية.
وقامت قوات الأمن السورية اليوم 17 مايو بمنع طلاب لا يقل عددهم عن 2000 شخص من القيام بمسيرة في مدينة حلب التي تعتبر الثانية في سوريا، حيث قام رجال الأمن بقمعهم واعتقالهم مستخدمين كل وسائل العنف لمنع هذه المسيرة الطلابية.
وقال أحد المواطنين بأن قوات الأمن طوقت الحي الجامعي الذي يقع شرق المدينة لمراقبة حركة الطلاب. ومدينة حلب ليست بعيدة عن الحدود التركية، وحتى وقتنا هذا لم يسبق أن شهد سكان هذه المدينة مسيرة بهذا الحجم ضد الحكم المركزي.
وأفادت تقارير بخروج مظاهرات معارضة للحكومة السورية مساء الاثنين رغم الإجراءات الأمنية المشددة التي تفرضها السلطات للتصدي للاحتجاجات. وقال ناشطون سوريون إن مظاهرات خرجت في دمشق وحمص وحماه وجامعة حلب.
وتحدث المعارضون السوريون في المواقع الإلكترونية عن سماع دوي قصف في بلدة تلكلخ قرب الحدود السورية اللبنانية.
ويقول ناشطون إن تلكلخ تتعرض لهجوم من القوات السورية منذ عدة أيام لقمع المظاهرات مما أدى لفرار العشرات من سكانها إلى الأراضي اللبنانية. وذكرت بعض العائلات أن القصف أدى إلى انهيار منازل على ساكنيها.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More